أعلن المكتب الإعلامي لدولة الفاتيكان عن تفاصيل أول زيارة خارجية للبابا ليو الرابع عشر منذ انتخابه في مايو/أيار الماضي زعيمًا جديدًا للكنيسة الكاثوليكية، وتشمل الزيارة تركيا بين 27 و30 نوفمبر/تشرين الثاني، ولبنان بين 30 نوفمبر و2 ديسمبر/كانون الأول.
تركيا.. محطة أولى في جولة تحمل بعداً روحياً وحوارياً
سيبدأ البابا جولته من العاصمة التركية أنقرة، حيث سيجري لقاءات رسمية مع كبار المسؤولين الأتراك في اليوم الأول من الزيارة، قبل أن ينتقل مساءً إلى إسطنبول لمتابعة برنامجٍ مكثّف يتضمن لقاءات دينية وثقافية.
وفي 28 نوفمبر، يتوجه البابا إلى مدينة إزنيك بولاية بورصة – التي كانت تعرف تاريخياً باسم نيقية – للمشاركة في الاحتفال بمرور 1700 عام على انعقاد مجمع نيقية الأول سنة 325 ميلادية، والذي يُعد من أبرز المجامع الكنسية في تاريخ المسيحية، إذ شهد صياغة “قانون الإيمان النيقاوي” الذي شكّل أحد الأسس اللاهوتية للعقيدة المسيحية عبر العصور.
إزنيك.. مدينة التاريخ والعمارة المقدّسة
تقع إزنيك (نيقية) في قلب ولاية بورصة، على ضفاف بحيرة تحمل الاسم نفسه، وتُعد من أهم المدن التاريخية في الأناضول.
عرفت عبر القرون كمركز علمي وديني بارز، حيث احتضنت العديد من الكنائس البيزنطية القديمة، والجوامع العثمانية، والأسوار الرومانية التي لا تزال تحيط بالمدينة حتى اليوم.
وقد كانت نيقية عاصمة للإمبراطورية البيزنطية لفترة وجيزة في القرن الثالث عشر، قبل أن تصبح إحدى المدن التي تألقت في عهد الدولة العثمانية بفضل فن الخزف الإزنيكي الشهير، الذي زيّن جدران المساجد والقصور في إسطنبول، مثل جامع السلطان أحمد (الجامع الأزرق).
تُمثل إزنيك اليوم رمزاً حياً للتعايش بين الحضارات والأديان، إذ تجمع بين آثار الكنائس البيزنطية والمساجد العثمانية في مشهد معماري فريد يروي قصة ألفي عام من الإيمان والثقافة والجمال التركي.
مع العلم مدينة بورصة قريبة من مدينة يلوا التركية تقع على بعد 45 د فقط
زيارة إسطنبول.. لقاء الحضارات في قلب المدينة التاريخية
وفي 29 نوفمبر، سيزور البابا جامع السلطان أحمد (الجامع الأزرق)، أحد أبرز معالم العمارة العثمانية في العالم، في خطوة رمزية تعبّر عن احترام متبادل بين الديانتين المسيحية والإسلامية.
كما سيلتقي بالمجتمعات المسيحية المحلية، ويُقيم قداسًا دينيًا كبيرًا في قاعة فولكسفاغن أرينا، ما يعكس الاهتمام بالفكر الروحي والثقافي المشترك الذي لطالما جمع بين الشعوب المقيمة على الأراضي التركية.
من إسطنبول إلى بيروت.. رسالة سلام من قلب الأناضول إلى المشرق العربي
وفي 30 نوفمبر، سيغادر البابا تركيا متوجهاً إلى العاصمة اللبنانية بيروت، حيث سيواصل لقاءاته مع القادة السياسيين والزعماء الدينيين.
وسيزور خلال إقامته أحد المستشفيات ومرفأ بيروت، تخليداً لذكرى ضحايا انفجار الرابع من أغسطس/آب 2020، قبل أن يختتم زيارته مساء 2 ديسمبر عائداً إلى روما.
زيارة ذات دلالات عميقة.. وتركيا محور لقاء الأديان
تحمل زيارة البابا ليو الرابع عشر إلى تركيا دلالات خاصة، كونها تتزامن مع الذكرى الـ1700 لمجمع نيقية الأول، كما أنها تُعد أول جولة خارجية له منذ توليه المنصب، ما يجعل تركيا نقطة انطلاق رمزية لحوارٍ دينيٍ عالميٍ جديد.
وكانت فكرة الزيارة قد طُرحت لأول مرة في عهد البابا الراحل فرنسيس عام 2024، الذي عبّر عن رغبته في زيارة تركيا عام 2025 للمشاركة في إحياء هذه المناسبة التاريخية، إلا أن وفاته حالت دون تحقيقها، ليتولى خلفه البابا ليو الرابع عشر تنفيذها وفاءً لرسالة سلفه.
تركيا.. ملتقى التاريخ والإيمان
بهذه الزيارة، سيصبح البابا ليو الرابع عشر خامس بابا يزور تركيا بعد البابا فرنسيس (2014)، بنديكتوس السادس عشر (2006)، يوحنا بولس الثاني (1979)، وبولس السادس (1967).
وتأتي هذه الزيارة لتؤكد مجدداً مكانة تركيا كـجسر حضاري بين الشرق والغرب، وبلد يحتضن الحوار بين الأديان والثقافات، بما يتماشى مع رؤيتها الدبلوماسية والإنسانية.
انعكاسات رمزية على صورة تركيا في العالم
من منظور ثقافي واستثماري، تمثل هذه الزيارة دفعة إيجابية لصورة تركيا الدولية، لما تحمله من رسائل تسامح وتعايش، تعزز جاذبية البلاد كوجهة آمنة ومستقرة للسياحة والاستثمار، لاسيما في ظل اهتمام العالم المتزايد بمدنها التاريخية مثل إسطنبول وبورصة ويلوا القريبة منها، والتي تشهد اليوم نهضة عمرانية وسياحية متسارعة تقودها شركات رائدة مثل عمران ترك، التي تجمع بين روح التاريخ وجمال الحاضر في مشاريعها السكنية الراقية على ضفاف بحر مرمرة.
🔹 المصدر: وكالة الأناضول – الفاتيكان
اشترك في النقاش