الشاي جزء من ثقافة وهوية الشعب التركي

يُوصف بأنه المشروب المفضل لدى الأتراك، إنه الشاي التركي الذي يعتبر عنصراً أساسياً من الحياة اليومية للشعب التركي من مختلف الطبقات الاجتماعية، فهو جزء من ثقافة شعب و هويته وتاريخه.

ويعد الشاي التركي جزء لا يتجزأ من الثقافة التركية، فهو المشروب الأكثر استهلاكا في تاريخ الدولة العثمانية، وجزء قوي من النسيج الاجتماعي، ورمز للسلام والصلح، فالأتراك و الشاي قصة عشق لا تنتهي، والمثل التركي الشهير خير دليل على ذلك “لا تثق في أحد لا يشرب الشاي بأنه تركي”.

لذلك، وقبل أن تأتي إلى إسطنبول أو أي مدينة تركية أخرى، يجب أن تعلم هذا الشيء عن الأتراك بشكل واضح جدًا؛ هم يحبون الشاي لدرجة لا تصدق. الحب قد لا تكون حتى كلمة قوية بما فيه الكفاية، فحياتهم تستهلك كليًا من خلال شرب الشاي. ليس هناك وجه من أوجه الحياة التركية التي لا يمثل فيها شرب الشاي سلوكًا مقبولًا.

وشاع استهلاك الشاي في تركيا منذ بداية القرن العشرين تحديداً، عندما شجّع مصطفى كمال أتاتورك تناوله على حساب القهوة لدعم الإنتاج المحلي، ومع حلول القرن الـ19 اكتسب الشاي شعبيته في تركيا بعد غلاء أسعار القهوة، وأصبح مشروباً مفضَّلاً و عنصراً مهماً في الثقافة التركية، بينما تم إنتاجه لأول مرة في منطقة شرق البحر الأسود عام 1924 ببذور تم جلبها من جورجيا إلى تركيا.

ومؤخراً، أدرجت اليونسكو في قائمة التراث الثقافي غير المادي للبشرية الشاي التركي، وأشارت في بيان إلى أنّ “زراعة الشاي في تركيا تمثل عادة اجتماعية مهمة تعكس حسن الضيافة، فضلاً عن مساهمتها في إنشاء روابط اجتماعية وفي الحفاظ عليها وتُستخَدم للاحتفال بالأحداث واللحظات المهمة في حياة المجتمعات”.

وعادةً ما يجري تحضير الشاي التركي الأسود في أباريق صغيرة، ويقدَّم داخل أكواب صغيرة على شكل وردة إما خفيفاً أو قوي النكهة حسب أذواق الشاربين، في حين أن الأتراك يتناولون الشاي في مختلف أوقات اليوم من الفطور وصولاً إلى العشاء.

كما تعتمد طريقة تحضير الشاي التركي على استخدام إبريق شاي من طابقين، أحدهما للماء المغلي والآخر للشاي، ويضاف الماء إلى منقوع الشاي لتخفيفه، ويقدم في أكواب الشاي التركية التقليدية، إذ يتم ملء الجزء السفلي من الوعاء المزدوج بالماء وهو الجزء الذي يلامس اللهب بشكل مباشر ليغلي، وفي الوقت نفسه يجري تعبئة الجزء العلوي للوعاء المزدوج بأوراق الشاي الجاف، وعادة واحدة ملعقة صغيرة لكل شارب، وعندما يصل الماء في الجزء السفلي لدرجة الغليان يتم نقل كمية منه إلى الوعاء العلوي، ثم يترك الوعاء المزدوج كما هو باستمرار الغليان على اللهب لمدة 15 دقيقة، وبالتالي الحرارة الناجمة من غليان الجزء السفلي تجعل المياه الساخنة في الجزء العلوي تستمر في درجة حرارة مرتفعة، وبشكل عام لا يتم ترك عملية الغليان تستمر لمدة أكثر من 30 دقيقة بعدها لتجنب مرارة الطعم.

ويعرف الشاي التركي بفوائده الكثيرة فهو مفيد للقلب والأوعية الدموية، ويقوي مناعة الجسم، ويعزز صحة الفم والأسنان، كما يقوي الذاكرة ويساعد في تخسيس الوزن ويقي من التجاعيد وحب الشباب.

ويشتهر الشاي التركي الفاخر على مستوى العالم بطعمه المتفرد وطريقة تحضيره، كما أن حقوله الممتدة بمنطقة البحر الأسود تثير فضول السياح لرؤية طريقة زراعته ومراحل نموه وحصاده قبل أن يصل إلى متناول الشاربين.

وتعتبر ولايات الحوض الشرقي للبحر الأسود بتركيا، وفي مقدمتها ريزة، تليها طرابزون وآرتفين وأوردو وغيراسون من أكثر الولايات إنتاجاً، ويقدر إجمالي المساحة المزروعة فيها بـ849 ألف دونم (الدونم يساوي ألف متر مربع) حسب أرقام وزارة الغابات والزراعة لعام 2019.

ويوجد في تركيا أنواع عدة من الشاي، الأسود وشاي الأعشاب مثل البابونج والكافور والمانجو، وهناك شاي مفيد جدا من أوراق شجرة الزيتون، وهناك الشاي الأسود المخلوط مع الفواكه التوت والأناناس والليمون والبرتقال والزهور، وهناك الشاي الأسود المتخمر، وهو الأكثر استخداماً في الأماكن العامة، ويستهلكه أغلب الأتراك، إذ يتفننون في طريقة تحضيره.

ويطلق على ابريق الشاي التركي ذي القطعتين بـ تشايدانلك Çaydanlık ، بينما يسمى الابريق المكون من قطعة واحدة بـ ديمليك Demlik.

وربما لا يولي الناس حول العالم الأهمية نفسها التي يوليها الأتراك لمشروب الشاي، حيث يعد المشروب رقم واحد لدى المجتمع التركي، وتحوز طريقة صنعه وتحضيره بكل تفاصيلها على اهتمام الأتراك إذ يتفننون في غليه وتقديمه، فهو يعتبر صلة وصل بين الغرباء وبدايةً لمحادثة مميزة بين أي شخصين، ووسيلة للترحيب بزيارتك، فالشاى وتركيا أصبح وجهان لعملة واحدة وإذا قمت بزيارة تركيا لا بد أن يعرض عليك تناول كوب أو عدة أكواب منة خلال اليوم لذا لا تتردد وتناولة واستمتع بطعمة اللذيذ.

مقارنة العقارات

قارن
بحث
Price Range From To